إنّ أداء الصّلاة بشكل صحيح يكون كما ورد أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قام بأدائها، فقد قال صلّى الله عليه وسلّم:" صلّوا كما رأيتموني أصلّي "، رواه البخاري. وقد وصل إلينا من الصّحابة رضوان الله عليهم كيفيّة طريقة صلاة النّبي - صلّى الله علي وسلّم - من أولها إلى آخرها، وقد وصلت إلينا هذه الصّفة عن طريق التّواتر مكتوبةً في كتب أهل الحديث والفقه، وإن كان هناك بعض الاختلاف بين العلماء فهو في الجزئيات و السّنن، ولا يمثّل ذلك أيّ ضرر. (1)
تعليم الصلاة الصحيحة إنّ الأصل في صفة الصّلاة صلاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقوله في صفة الصّلاة، وإقراره على صفة الصّلاة، وكلّ ما يستدلّ به على ذلك، وذلك أنّ الله عزّ وجلّ أمرنا بالصلاة في كتابه، وفرضها مجملةً، وفوّض إلى النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - تفسير مجملها، وبيان مطلقها. قال - صلّى الله عليه وسلّم - لمالك بن الحويرث ومن معه حين بعثهم إلى قومهم:" صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي "، رواه أحمد والبخاري. (2)
أمّا صفة الصّلاة الصّحيحة فتكون على الوجه التالي: (3)
- إذا حضر وقت الصّلاة فعلى المسلم أن يتوضّأ.
- أن يستقبل القبلة، ويرفع يديه حذو أذنيه أو منكبيه، ويقول: الله أكبر.
- أن يضع يده اليمنى فوق يده اليسرى أسفل صدره، ثمّ يقرأ دعاء الاستفتاح سرّاً، وهو:" اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقّني من الخطايا كما ينقّى الثّوب الأبيض من الدّنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء، والثّلج، والبرد "، رواه البخاري ومسلم.
- أن يقرأ الفاتحة وأيّ سورة شاء بعدها في الرّكعتين الأوليين، وفي آخر ركعتين يمكنه أن يقتصر على قراءة الفاتحة فقط، وإن أراد قرأ ما شاء من القرآن الكريم.
- أن يركع وهو رافع ليديه حذو منكبيه، قائلاً: الله أكبر، ويقول خلال ركوعه سبحان ربّي العظيم، وأقلّ عدد يمكن أن يقوله هو مرّة، والزّيادة في ذلك أفضل، ثمّ يرفع من ركوعه، قائلاً: سمع الله لمن حمده، ربّنا ولك الحمد، ويقيم ظهره مستقيماً.
- أن يسجد قائلاً: الله أكبر، ويقول في سجوده: سبحان ربّي الأعلى، وله أن يدعو الله عزّ وجلّ بما أراد من الخير، ثمّ يرفع من سجوده، قائلاً: الله أكبر، ويقول عند جلوسه:" ربّي اغفر لي ".
- أن يكرّر ذلك في كلّ ركعة من الصّلاة، ويزيد في الرّكعة الثّانية من الصّلاة الرباعيّة أو الثّلاثية التّشهد الأوسط، وهو:" التّحيات لله والصّلوات والطيبات، السّلام عليك أيها النّبي ورحمة الله وبركاته، السّلام علينا وعلى عباد الله الصّالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله "، رواه البخاري.
- أن يقول في التّشهد الأخير مثلما يقول في التّشهد الأوّل، ولكنّه يزيد عليه الصّلاة الإبراهيميّة، وهي:" اللهم صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على آل إبراهيم، في العالمين إنّك حميد مجيد "، رواه مسلم.
- أن يسلم عن اليمين وعن الشّمال.
أركان الصلاة
إنّ للصلاة أركاناً لا تتمّ صلاة المسلم دون الإتيان بها، وهي ممّا وردنا عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وهي: (4)- الإتيان بالنّية.
- تكبيرة الإحرام.
- القيام في الفرض لمن لم يكن له عذر.
- قراءة سورة الفاتحة في كلّ ركعة.
- الرّكوع.
- القيام من الرّكوع.
- السّجود.
- الجلوس بين السّجدتين.
- الاطمئنان في الصّلاة.
- الجلوس في التّشهد الأخير.
- قراءة التّشهد الأخير.
- الصّلاة على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - بعد قراءة التّشهد الأخير.
- التّسليم عن اليمين والشّمال.
- التّرتيب بين جميع هذه الأركان.
واجبات وسنن الصلاة
إنّ الفرق بين ركن الصلاة وواجبها أنّ الرّكن في حال تركه المصلي سهواً أو نسيه ثمّ ذكره، فيجب عليه أن يأتي به، ويسجد للسهو، أمّا الواجب فلا يجب عليه الإتيان به إذا تجاوز محله، ويجبر على ذلك سجوده للسهو. (4) وقد اختلف علماء المذاهب في واجبات وسنن الصّلاة، وإنّ اختلافهم فيه رحمة للنّاس، وهي على النّحو التالي:المذهب المالكي
تكون واجبات الصّلاة في المذهب المالكي على النّحو التالي: (5)- الإتيان بالنّية.
- تكبيرة الإحرام.
- القيام للصلاة في الفرائض.
- قراءة الفاتحة للإمام والمأموم.
- الرّكوع والرّفع منه.
- السّجود على الجبهة.
- الجلوس بين السّجدتين.
- السّلام.
- الجلوس للسلام.
- الاعتدال في الجلوس والطمأنينة.
- ترتيب الفرائض.
- قراءة سورة بعد الفاتحة في صلاة الفجر، والجمعة، والرّكعتين الأوليين من الصّلاة الرّباعية والثّلاثية.
- القيام للصلاة.
- الجهر فيما يجهر فيه من الصّلوات، والسّر فيما يسرّ فيه.
- التّكبير ما عدا تكبيرة الإحرام، أيّ أنّه عدّ كلّ تكبيرة سنّةً مستقلةً، ما عدا تكبيرة الإحرام فإنّها ركن.
- قول: سمع الله لمن حمده، وذلك في حال الرّفع من الرّكوع للإمام والمنفرد.
- التّشهد ولو كان في سجدتي السّهو.
- كلّ جلوس للتشهد.
- الصّلاة على النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - بعد قراءة التّشهد الأخير.
- السّجود على صدور القدمين، وعلى الكفّين، والرّكبتين.
- الجهر بتسليمة التحليل من الصّلاة فقط.
- الإنصات للإمام فيما يجهر فيه.
- السّترة للإمام والمأموم إن خشيا مرور أحد ما.
المذهب الحنبلي
تكون واجبات الصّلاة في المذهب الحنبلي على النّحو التالي: (4)- قول تكبيرات الانتقال في محلها، ويكون محلها ما بين بدء الانتقال وانتهائه.
- التّسميع، وهو قول: سمع الله لمن حمده عند الرّفع من الرّكوع، وهو واجب على الإمام والمنفرد دون المأموم.
- التّحميد، وهو قول: ربّنا ولك الحمد بعد الرّفع من الرّكوع، وهو واجب على الإمام والمأموم والمنفرد.
- التّسبيح في الرّكوع، وهو قول: سبحان ربّي العظيم.
- التّسبيح في السّجود، وهو قول: سبحان ربّي الأعلى.
- قول: ربّي اغفر لي، وذلك في الجلوس بين السّجدتين.
- التّشهد الأوّل والجلوس له.
- رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، وعند الرّكوع، وعند الرّفع من الرّكوع، وعند القيام إلى الرّكعة الثّالثة.
- وضع اليد اليمنى فوق اليد اليسرى في القيام.
- قراءة دعاء الاستفتاح، والاستعاذة بعد تكبيرة الإحرام.
- قراءة آيات من القرآن الكريم بعد قراءة الفاتحة في الرّكعتين الأوليين من الصّلاة.
- التّأمين عند الانتهاء من قراءة الفاتحة للإمام والمأموم والمنفرد، جهراً في حالة الصّلاة الجهريّة، وسرّاً في الصّلاة السرّية.
- الزّيادة على تسبيحة واحدة في الرّكوع والسّجود.
- الاعتماد على الرّكبتين عند القيام من السّجود.
المذهب الحنفي
يوجد عند أتباع المذهب الحنفي فرق بين فروض الصّلاة وواجباتها، فالفرض أو الرّكن عندهم هو ما ثبت الأمر به من خلال دليل قطعيّ، وقد ذكر الكاساني أركان الصّلاة عندهم، وهي: القيام، والرّكوع، والسّجود، والقراءة، ولا تعين الفاتحة بل قراءتها واجبة لا فرض، والجلوس الأخير للتشهد، والانتقال من ركن لآخر. وبذلك فإنّهم لم يعدّوا تكبيرة الإحرام من الأركان، بل عدّوها من الشّروط.وإنّ الفرق بين الشّرط والرّكن هو أنّ الشّرط يكون خارجاً عن الماهيّة، مثل الطهارة للصلاة، وأمّا الرّكن فإنّه يكون داخلاً في الصّلاة، مثل الرّكوع والسّجود.
وأمّا واجبات الصّلاة عندهم فهي ستة أيضاً، وقد ذكرها الكاساني فقال:" فَصْلٌ: أَمَّا الْوَاجِبَاتُ الْأَصْلِيَّةُ في الصَّلَاةِ فَسِتَّةٌ منها: قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ في صَلَاةٍ ذَاتِ رَكْعَتَيْنِ، وفي الْأُولَيَيْنِ من ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ وَالثَّلَاثِ، حتى لو تَرَكَهُمَا أو أَحَدَهُمَا، فَإِنْ كان عَامِدًا كان مُسِيئًا، وَإِنْ كان سَاهِيًا يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَهَذَا عِنْدَنَا ". وقال أيضاً:" وَمِنْهَا الطُّمَأْنِينَةُ وَالْقَرَارُ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَهَذَا قَوْلُ أبي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وقال أبو يُوسُفَ الطُّمَأْنِينَةُ مِقْدَارُ تَسْبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ فَرْضٌ، وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ حتى لو تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ جَازَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أبي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ لَا تَجُوزُ "، ومنها أيضاً الجلوس الأوّل للتشهد، ومنها التّشهد في الجلسة الأخيرة، ومنها مراعاة التّرتيب فيما شرع مكرّراً، وما عدا ذلك سنّة عندهم. (6)
المذهب الشافعي
إنّ مذهب الشّافعية أنّ أفعال الصلاة عندهم تقسم إلى واجبات وسنن، والواجبات في الصّلاة هي خمسة عشر كما عدّها خليل في مختصره فقال:" الصّلاة مركّبة من أقوال وأفعال، فجميع أقوالها ليست بفرائض إلا ثلاثة: تكبيرة الإحرام، والفاتحة، والسّلام، وجميع أفعالها فرائض إلا ثلاثة: رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، والجلوس للتشهد، والتيامن بالسّلام ".وقد عدّ الإمام النّووي، وهو يتبع المذهب الشّافعي، أركان الصّلاة فجعلها ثلاثة عشر هي: النّية، وتكبيرة الإحرام، والقيام في الفرض للقادر، والقراءة، وتتعين الفاتحة والبسملة منها، والرّكوع، والاعتدال قائماً، والسّجود، والجلوس بين سجدتيه مطمئناً في ذلك كلّه، والتّشهد وقعوده، والصّلاة على النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - والسّلام، وترتيب الأركان. (6)
مكروهات الصلاة
هناك الكثير من الأمور المكروه القيام بها في الصّلاة، منها: (4)- السّدل، ومعناه: أن يلقي المصلي ثوباً على كتفيه، ولا يردّ أحد طرفيه على الكتف الأخرى.
- اشتمال الصمّاء، ومعناه: أن يتجلل الرّجل بثوبه، ولا يرفع منه جانباً، ويدخل يديه من داخل فيركع ويسجد وهو كذلك، وإنّما قيل لها صمّاء، لأنّه يسدّ على يديه ورجليه المنافذ كلها.
- التّلثم، ومعناه تغطية الفم بثوب ونحوه.
- كفّ الشّعر والثّوب، ومعناه ضمّهما وجمعهما احترازاً من الانتشار أو التّراب.
- التّشبه بالكفار، مثل وضع اليدين على الخاصرة، أو شدّ الوسط كالزّنار، ونحو ذلك.
- التّشبه بالحيوان، مثل قعاء الكلب في جلوس التّشهد، وهو: إلصاق الآليتين بالأرض، ونصب السّاقين، ووضع اليدين على الأرض. وانبساط الكلب في السّجود وهو: أن يلصق ذراعيه بالأرض وهو ساجد، وكالتفات الثّعلب عند السّلام، ونحو ذلك.
- الحركة القليلة لغير حاجة، ومن ذلك الالتفات بالوجه، أو العبث باليد في الثّوب، أو اللحية، ونحو ذلك.
- إلصاق البطن بالفخذين عند السّجود.
- الصّلاة في ثوب أو مكان فيه إلهاء.
المراجع
(1) بتصرّف عن فتوى رقم 30083/ صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم/ 29-3-2003/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ .islamweb.net(2) بتصرّف عن كتاب شرح العمدة لابن تيمية- صفة الصلاة/ تقي الدين الدمشقي/ دار العاصمة- الرياض/ الطبعة الأولى.
(3) بتصرّف عن فتوى رقم 6188/ صفة الصلاة من التكبير إلى التسليم/ 12-3-2001/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ .islamweb.net
(4) بتصرّف عن فتوى رقم 12455/ أركان الصلاة وواجباتها وسننها/ 6-1-2002/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ .islamweb.net
(5) بتصرّف عن فتوى رقم 78703/ واجبات وسنن الصلاة في مذهب الإمام مالك/ 14-11-2006/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ .islamweb.net
(6) بتصرّف عن فتوى رقم 134277/ أدلة الفقهاء في أركان الصلاة وواجباتها وشروطها/ 13-4-2010/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ .islamweb.net
إرسال تعليق