أ. سالم البطاطي
س: كيف تغرس مفهوماً لدى شاب؟
ج: قبل أن نغرس المفهوم لابد أن نعرف ما المفاهيم الأساسية التي لابد أن تغرس لدى الشاب.
س: ما المفاهيم الأساسية التي لابد أن تغرس لدى الشباب؟
ج: المفاهيم كثيرة جداً ولكن ثمة مفاهيم مهمة ومشتركة بين الشباب المتقدم والشباب المبتدئ يحسن بنا أن نذكر بعضها. لأهميتها ولأنها قاسم مشترك بين الشباب:
1- الخوف من الله.
2- مراقبة الله في السر والعلن.
3- توحيد مصدر التلقي.
4- ترسيخ الإيمان بالله في القلب.
5- الإخلاص لله.
6- التفاعل مع البرامج بشكل عام.
7- الأخوة في الله وتعميق هذه الأخوة.
8- الاستشارة .
9- توضيح صورة الملتزم الحقيقي.
10- مفهوم الاحتساب.
11- مفهوم العبادة الحقيقية الشاملة.
12- خطورة المعاصي وأثرها.
13- الاستجابة والاستسلام لله.
14- إدارة الوقت وأهميته والمحافظة عليه.
15- هجر رواسب الماضي (الجاهلية).
16- غرس الأخلاق الحسنة والصفات الحميدة مثل (التواضع، الحكمة، البذل، حفظ الجميل، الكرم، الشجاعة، العفو، السماحة).
17- إشعاره بنعمة الهداية والاصطفاء.
18- الجماعية في العمل وعدم التفرد.
19- مفهوم العفة.
20- التنافس على الخيرات.
21- حب المعرفة وحب العلم والسؤال عنه.
22- مفهوم المبادرة الذاتية.
23- مفهوم الجدية في الالتزام وتطبيقه والجدية في تلقيه والجدية في نشره.
هذه بعض المفاهيم الأساسية، وقد يغفل الذهن عن البعض الآخر المهم كذلك.
س: بعد أن عرفنا هذه المفاهيم الأساسية كيف نستطيع أن نربي الشباب عليها؟
ج: قبل ذلك هناك أمر مهم جداً وهو أن المربي لابد له أن يعزز الثقة بينه وبين المتربي حتى يستطيع أن يغرس هذه المفاهيم في قلبه.
س: وكيف يستطيع المربى أن يعزز الثقة بينه وبين المتربي؟
ج: تستطيع ذلك بما يلي:
1- بالصدق والإخلاص واستشعار معونة الله.
2- الاهتمام بالمتربي ومعايشته وإشعاره بأنه له قيمة وذلك بـ:
الاتصال به هاتفيا
إذا دعاك فأجبة.
تناديه بالكنية.
السؤال عنه إذا غاب.
تكرمه وتجلس بجواره.
تهديه هدية.
تعوده إذا مرض.
تناديه بأحب الأسماء عليه.
الصلاة بجانبه.
حفاوة اللقاء به والسلام عليه.
التبسم في وجهه.
زيارته في بيته.
تقديم العون له.
المواساة بكل أنواعها (مالية ، قولية ، عملية).
اصطحابه إلى محاضرة أو درس أو زيارة لأخ.
اصطحابه إلى التسجيلات الإسلامية والمكاتب الدعوية والمكتبات وغير ذلك.
مشاورته وتكليفه ببعض الأعمال والثناء عليه بعدها وإكرامه.
3- استئمانه للأشياء الغالية والثمينة التي تخص المربي (الجوال، السيارة، الساعة ..إلخ).
4- محادثة المربي للمدعو بأشياء خاصة للمربي.
5- إخبار المدعو بأخبار مفرحة وتسر خاصة أو عامة ثم يخبر المربي بأنه لم يخبر أحداً قبله.
6- الجلوس مع المدعو جلسة إيمانية فيها صراحة ووضوح.
وقبل ذلك وبعد (أصلح مابينك وبين الله يصلح الله ما بينك وبين الناس).
س: إذا تم تعزيز الثقة بين المربي والمتربي، ما هي الخطوة التالية لغرس هذه المفاهيم؟
ج: الخطوة التالية هي التخلية قبل التحلية والقلب لا يصلح إلا بهاتين العمليتين التخلية والتحلية فقبل أن نحلي في قلبه هذه المفاهيم لابد أن نزيل رواسب الجاهلية التي في قلبه ثم بعد ذلك نحلي هذا القلب بهذه المفاهيم وغيرها،
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله : "فإن امتلأ القلب بالباطل اعتقاداً ومحبة لم يبق فيه لاعتقاد الحق ومحبته موضع، وسر ذلك أن إصغاء القلب كإصغاء الأذن فإذا امتلأ القلب بالشكوك والخيالات .. والمفاكهات والمضاحكات والحكايات ونحوه .. جاءته حقائق القرآن والعلم فلم تجد فيه فراغاً ولا قبولاً فتعد".
وهذا يدل على أهمية تطبيق هذا المفهوم التخلية قبل التحلية وهذه العملية عظيمة لذلك مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشر عاماً بمكة ليخلي تلك القلوب مما سوى الله فتم له ذلك.
ونلفت النظر: إلى أن هذه العملية التخلية والتحلية عملية مستمرة إلى الممات ومما يدل على أنها منهج مستمر:
1- أن الشيطان عداوته مستمرة إلى قيام الساعة.
2- أن الأعداء متفرقين متعددين.
3- وأنهم متفاوتون في وجودهم على حسب الزمان والظروف فهناك الشيطان، المال، الزوجة ، الولد ، والدنيا ، والمناصب ، وغيرها. فقد يواجه بعض الأعداء في أول عمره ويواجه البعض الآخر في آخر عمره وهذا يجعلنا نجزم بأن عملية التخلية عملية مستمرة إلى الممات لا تنقطع.
ونستطيع بعد ذلك أن نغرس هذه المفاهيم في قلب المتربي بوسائل عدة منها:
1- القدوة وهي أهم وسيلة.
2- التربية بالحدث.
3- الجلسات الإنفرادية.
4- الدروس والكلمات والمواعظ.
5- الزيارات الإيمانية والأخوية.
6- عمل بعض المسابقات في الأشرطة والكتب تربي في القلب هذه المفاهيم.
7- إهدائه الأشرطة والكتيبات التي تخدم هذه المفاهيم.
8- الرحلات والمراكز الصيفية.
9- حضور المحاضرات والندوات التي تتعلق بهذه المفاهيم وحثه على الحضور إليها بل إحضاره معك.
10- الرسالة.
11- اختيار الوقت المناسب والمكان المناسب لغرس المفهوم.
12- إشعاره بهذه المفاهيم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
وليس هناك من وسيلة أنجع ولا أجدى من المخالطة والمعايشة حيث يستطيع المربي غرس هذه المفاهيم من خلالها لذلك كانت المعايشة قضية بارزة في حياته صلى الله عليه وسلم، يؤكد هذا المعنى عبدالله بن شقيق رضي الله عنه عندما سأل عائشة رضي الله عنها هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو قاعد؟ قالت: نعم بعدما حطمه الناس" رواه مسلم.
فقد كان صلى الله عليه وسلم يتصدى للناس ويخالطهم ويعايشهم ويستقبلهم ويودعهم. ويتحمل أخطاءهم لذلك حطمه الناس وأثروا في بدنه صلى الله عليه وسلم حتى أصبح يصلي جالساً وأسرع إليه الشيب بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ويؤكد هذا المعنى أيضاً حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير يا أبا
عمير مافعل النغير" رواه البخاري ومسلم.
ولقد استطاع صلى الله عليه وسلم أن يغرس كثير من المفاهيم عن طريق المعايشة والمخالطة فمن ذلك مثلاً:
أ- مفهوم سعة رحمة الله وأنه أرحم بأنفسنا من أمهاتنا بنا:
عن عمر بن الخطاب أنه قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي، فإذا امرأة من السبي تبتغي، إذا وجدت صبياً في السبي، أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟ قلنا لا والله وهي تقدر على أن لا تطرحه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لله أرحم بعباده من هذه بولدها" رواه مسلم.
ب- وكمفهوم عبودية هذا الكون لله:
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: "قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : حين غربت الشمس تدري أين تذهب ؟ قلت الله ورسوله أعلم. قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها. ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها. يقال ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى: (والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم" رواه البخاري.
ت- وكمفهوم أن للمؤمن قيمة عند الله:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهراً وكان صلى الله عليه وسلم يحبه وكان رجلاً دميماً فأتاه الني صلى الله عليه وسلم ، يوماً وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره فقال من هذا؟ أرسلني فالتفت، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم ، فجعل لا يألوا ما ألصق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من يشتري هذا العبد؟ وهو بلا شك عبد الله فقال يا رسول الله إذن والله تجدني كاسداً. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "لكن عند الله لست بكاسد" رواه أحمد مختصر الشمائل للألباني.
س: الجلسات الانفرادية لها أهمية كبيرة في ترسيخ هذه المفاهيم فهل هناك ماهية معينة في تلك الجلسات ؟
ج: هناك أطر عامة تنفع في مثل هذه الجلسات الانفرادية وفي غيرها من ذلك:
- البدء مع المتربي من نقاط اتفاق.
- تأصيل هذا المفهوم وهذه القضية.
- بيان أهميتها.
- فصاحة اللسان (لغة عربية – كلمات منتقاه).
- حسن الكلام
- الملاصقة في التعامل معه وإكرامه.
- تحديد خط رجعة مع المتربي لجلسة أخرى.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً..
إرسال تعليق