0
قوله : ( باب ) بالتنوين ( ما أسفل من الكعبين فهو في النار ) كذا أطلق في الترجمة لم يقيده بالإزار كما في الخبر إشارة إلى التعميم في الإزار والقميص وغيرهما ، وكأنه أشار إلى لفظ حديث أبي سعيد ، وقد أخرجه مالك وأبو داود والنسائي وابن ماجه وصححه أبو عوانة وابن حبان كلهم من طريق العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي سعيد ورجاله رجال مسلم ، وكأنه أعرض عنه لاختلاف فيه وقع على العلاء وعلى أبيه فرواه أكثر أصحاب العلاء عنه هكذا ، وخالفهم زيد بن أبي أنيسة فقال : " عن العلاء عن نعيم المجمر عن أبي عمر " أخرجه الطبراني ، ورواه محمد بن عمرو ومحمد بن إبراهيم التيمي جميعا عن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبي هريرة أخرجه النسائي ، وصحح الطريقين النسائي ورجح الدارقطني الأول ، وأخرج أبو داود والنسائي وصححه الحاكم من حديث أبي جري بالجيم والراء مصغرا واسمه جابر بن سليم رفعه قال في أثناء حديث مرفوع وارفع إزارك إلى نصف الساق ، فإن أبيت فإلى الكعبين ، إياك وإسبال الإزار فإنه من المخيلة ، وإن الله لا يحب المخيلة وأخرج النسائي وصحح الحاكم أيضا من حديث حذيفة بلفظ الإزار إلى أنصاف الساقين ، فإن أبيت فأسفل ، فإن أبيت فمن وراء الساقين ، ولا حق للكعبين في الإزار .

قوله : ( عن أبي هريرة ) في رواية الإسماعيلي من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة " سمعت سعيدا المقبري سمعت أبا هريرة " .

قوله : ( ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار ) " ما " موصولة وبعض الصلة محذوف وهو كان ، وأسفل خبره ، وهو منصوب ويجوز الرفع ، أي ما هو أسفل وهو أفعل تفضيل ، ويحتمل أن يكون فعلا ماضيا ، ويجوز أن تكون " ما " نكرة موصوفة بأسفل ، قال الخطابي : يريد أن الموضع الذي يناله الإزار من أسفل الكعبين في النار ، فكنى بالثوب عن بدن لابسه ، ومعناه أن الذي دون الكعبين من القدم يعذب عقوبة ، وحاصله أنه من تسمية الشيء باسم ما جاوره أو حل فيه ، وتكون " من " بيانية ، ويحتمل أن تكون سببية ، ويكون المراد الشخص نفسه ، أو المعنى ما أسفل من الكعبين من الذي يسامت الإزار في النار ، أو التقدير لابس ما أسفل من الكعبين إلخ ، أو التقدير أن فعل ذلك محسوب في أفعال أهل النار . أو فيه تقديم وتأخير أي ما أسفل من الإزار من الكعبين في النار ، وكل هذا استبعاد ممن قاله لوقوع الإزار حقيقة في النار ، وأصله ما أخرج عبد الرزاق عن عبد العزيز بن أبي رواد " أن نافعا سئل عن ذلك فقال : وما ذنب الثياب ؟ بل هو من القدمين " ا هـ . لكن أخرج الطبراني من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل عن ابن عمر قال : " رآني النبي - صلى الله عليه وسلم - أسبلت إزاري فقال : يا ابن عمر ، كل شيء يمس الأرض من الثياب في النار " وأخرج الطبراني بسند حسن عن [ ص: 269 ]
ابن مسعود أنه " رأى أعرابيا يصلي قد أسبل فقال : المسبل في الصلاة ليس من الله في حل ولا حرام " ومثل هذا لا يقال بالرأي ، فعلى هذا لا مانع من حمل الحديث على ظاهره ، ويكون من وادي إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ، أو يكون في الوعيد لما وقعت به المعصية إشارة إلى أن الذي يتعاطى المعصية أحق بذلك .

قوله : ( في النار ) في رواية النسائي من طريق أبي يعقوب وهو عبد الرحمن بن يعقوب " سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما تحت الكعبين من الإزار ففي النار " بزيادة فاء ، وكأنها دخلت لتضمين ما معنى الشرط أي ما دون الكعبين من قدم صاحب الإزار المسبل فهو في النار عقوبة له على فعله ، وللطبراني من حديث ابن عباس رفعه " كل شيء جاوز الكعبين من الإزار في النار " وله من حديث عبد الله بن مغفل رفعه إزرة المؤمن إلى أنصاف الساقين ، وليس عليه حرج فيما بينه وبين الكعبين ، وما أسفل من ذلك ففي النار وهذا الإطلاق محمول على ما ورد من قيد الخيلاء ، فهو الذي ورد فيه الوعيد بالاتفاق ، وأما مجرد الإسبال فسيأتي البحث فيه في الباب الذي يليه ، ويستثنى من إسبال الإزار مطلقا ما أسبله لضرورة كمن يكون بكعبيه جرح مثلا يؤذيه الذباب مثلا إن لم يستره بإزاره حيث لا يجد غيره ، نبه على ذلك شيخنا في " شرح الترمذي " واستدل على ذلك بإذنه - صلى الله عليه وسلم - لعبد الرحمن بن عوف في لبس القميص الحرير من أجل الحكة . والجامع بينهما جواز تعاطي ما نهي عنه من أجل الضرورة ، كما يجوز كشف العورة للتداوي ، ويستثنى أيضا من الوعيد في ذلك النساء كما سيأتي البحث فيه في الباب الذي يليه إن شاء الله - تعالى - .

إرسال تعليق

 
Top